الخميس، 24 نوفمبر 2011

فؤاد الرفاعي .. بين السذاجة والفتنة



فؤاد الرفاعي .. بين السذاجة والفتنة

إن العناوين التي يطرحها مركز وذكر بإدارة مالكه فؤاد الرفاعي لا تجلب له إلا الشبهة والتهمة خاصة وأن أغلبها المقصود منه مهاجمة الكويتيين وغيرهم من أتباع مذهب الإثنى عشرية من قبيل " عاشوراء يوم فرح وسرور " وليقتصر حديثنا عليه هنا مع أقل قدر ممكن من المناقشات وإلا فالموضوع لا يوفي حقه هذه المساحة الضيقة

لاشك أن التحدي بين اطياف المجتمع يولد الصراع ويحيي الخلاف والمعروف أن يوم عاشوراء هو يوم الفاجعة على الحسين عليه السلام وعلى آل الرسول صلوات الله عليه واله عند المسلمين جميعا ولا يجهل ذلك إلا غافل
ولكن أهل السنة يلتفتون فيه أكثر إلى الصيام بحسب الحديث الوارد في الصحاح من الترغيب فيه وما خطبة الشيخ عبد الحميد كشك عنا ببعيدة
http://www.youtube.com/watch?v=4KjcSvUUaRo


أما شيعة أهل البيت عليهم السلام فيقيمون فيه المأتم ومجالس العزاء
ومقصدهم في هذه المآتم والمجالس لا يخرج في الأصل عن ثلاث
  1. الإتعاض والإعتبار من الدروس التي سطرها الإمام الحسين عليه والسلام وتدارس سيرته وجهاد                              والمعنى الإسلامي الذي تطبق في هذا اليوم
  2. التمسك بمبدأ الولاء للرسول وآله صلوات الله عليهم
  3. التأكيد على البراء من أعدائهم ومن رضي بما وقع عليهم من الظلم والفتك

وفي موقع وذكر نفسه يعلنون هذا العنوان
" إنّ  الولاء والبراء ركن من أركان العقيدة، وشرط من شروط الإيمان، تغافل عنه   كثير من الناس وأهمله البعض فاختلطت الأمور وكثر المفرطون .... "

وعودا على البداية نقول إن العنوان الذي يحاول الترويج له مركز وذكر عنوان مبتدع ومخالف لما تربى عليه المجتمع الكويتي بسنته وشيعته أي الفرح والسرور وقد أتى مركز وذكر بحجة واهية وهي أن منشأ هذا الفرح هو نجاة موسى وهارون عليهما السلام من كيد فرعون وإهلاك الله تعالى فرعون وجنوده

عنوان الفرح والسرور لم يرد عند أحد من العلماء المعتبرين أبدا
بل قد أشارت مطوية المركز فيما تناقضوا به بإشارة لقول الحافظ ابن كثير
وقد عاكس الرافضة والشيعة يوم عاشوراء النواصب من أهل الشام فكانوا إلى يوم عاشوراء يطبخون الحبوب ويغتسلون ويتطيبون ويلبسون أفخر ثيابهم ويتخذون ذلك اليوم عيداً يضعون أنواع الأطعمة، ويظهرون السرور والفرح، يريدون بذلك عناد الروافض ومعاكستهم
البداية والنهاية ج8 / ص220


وهذا هو منشأ الفرح والسرور في يوم عاشوراء وأما ما تشدق به صاحب المركز من نجاة موسى فإنه جهل بالقرآن الكريم
فقد قال تعالى

اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي 42 اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى 43 فَقُولا لَهُ قَوْلا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى
44 قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى 45 قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى 46
فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى 47 إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّى 48 طه

وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِين 10 قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ 11 قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ 12 وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ 13 وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ 14 قَالَ كَلاَّ فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ 15 الشعراء

فالمسلم يعلم أنه لم يكن خوف على موسى وهارون ولا هم يحزنون
بل إنما الفرح يقوم على نجاة بني إسرائيل 
أي أن الفرح الذي يدعوا له مركز وذكر وصاحبه هو فرح اليهود بنجاة أجدادهم وأسلافهم 

ولا يقع الخلط بين الترغيب بالصوم وبين الفرح والسرور
ولو أن اصل الصيام قابل للمناقشه لتناقض الروايات فيه ولوجود التحقيق بكون عاشوراء هو في ربيع الاول وليس المحرم
 كما ذكر الأستاذ العجيري في إحدى مقالاته

الذي يجعلنا نحتار في تصنيف صنيع مركز وذكر ودعوة الرفاعي للفرح في هذا اليوم ما بين الفتنة والسطحية هو التخليط الصادر منه
وكذلك نفس المنهج فإن أحداً من الدعاة والمبلغين لم يقم بمثل هذا الصنيع من نشر المنشورات ومخاطبة أتباع المدارس والمذاهب الأسلامية الآخرين بصيغة الإستجواب والتحقيق معهم

تخيل أن داعية حنفيا أخذ على عاتقه الدعوة لمذهبه في تأخير صلاة العصر وقال للبقية إنكم تصلون قبل الوقت فصلاتكم باطلة
أو أن شافعيا قال إن صلاتكم يا إخوان باطلة لأنكم لا تقرؤون البسملة في عداد آيات الفاتحه وهي منها على التحقيق
أو أن مالكيا دعى الناس إلى ترك التكتف في الصلاة وقال بأنه مكروه في الفريضة
أو أن حنبليا نشر فتوى إبن تيمية في عد الطلقات الثلاث في مجلس واحده طلقة واحده
وهكذا من نشر للخلافيات الفرعية فماذا يكون حال المجتمع الحاوي لهذه الفئات وكيف ستكون حاله من شقاق ونزاع وخلاف

وهذا ما يقع فيه مركز وذكر من جهل في مسائل الخلاف والفقه المقارن وشروط الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

فإن الإنكار على إقامة المجالس في ذكرى شهادة الحسين عليه السلام بدعوى حرمة شق الجيوب ولطم الخدود لا محل له

أولا لكون الناهي ليس من أهل العلم والوثاقة عند من يخاطبهم هذا المركز وصاحبه
وللخلاف العقدي والفقهي بينهما فلا يحق له مخاطبتهم إستنادا على عقيدته ومذهبه

ثانيا العلماء والمراجع من أكابر هذا المذهب يؤكدون على أقامة هذه المجالس إستنادا على دعوة أئمة هذا المذهب ففي الرواية المعتبرة
قال الإمام الرضا (ع): (من تذكر مصابنا، وبكى لما أُرتكب منّا؛ كان معنا في درجتنا يوم القيامة.. ومن ذُكّر بمصابنا، فبكى وأبكى؛ لم تبك عينُه يوم تبكي العيون.. ومن جلس مجلساً يحُيى فيه أمرُنا؛ لم يمت قلبه يوم تموت القلوب)
فهل يتوقع الرفاعي أن يكون لرايه أي قيمة مقابل هذا النص مثلا

ثالثا المجالس وكما هو منقول في الفضائيات ومشهوره منذ السابق هي عبارة عن محاضرة يلقيها الخطباء تشتمل على درس عقدي وفقهي وتاريخي وفي كثير من الأحيان تُنشد الأشعار التي تجمع المواعظ في هذه المسائل فأين هذا من شق الجيوب ولطم الخدود المنهي عنه 
  
نعم لا ننكر أن أغلب المجالس يقع فيها البكاء والجزع على مصاب الحسين عليه السلام وعلى أهله
ولنا في ذلك سنة من رسول الله صلوات الله عليه واله نتبعها

فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت - كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ذات يوم في بيتي قال لا يدخل علي أحد فانتظرت فدخل الحسين
فسمعت نشيج رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي فاطلعت فإذا حسين في حجره والنبي صلى الله عليه وسلم يمسح جبينه وهو يبكي

فقلت والله ما علمت حين دخل فقال إن جبريل عليه السلام كان معنا في البيت قال أفتحبه قلت أما في الدنيا فنعم قال إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء فتناول جبريل من تربتها فأراها النبي صلى الله عليه وسلم
فلما أحيط بحسين حين قتل قال ما اسم هذه الأرض قالوا كربلاء فقال صدق الله ورسوله كرب وبلاء
وفي رواية صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض كرب وبلاء
مجمع الزوائد - 9/191 قال الهيثمي روي بأسانيد ورجال أحدها ثقات

فكيف يلام من سار على سنة النبي صلوات الله عليه في البكاء على الحسين عليه السلام وتذكر مصابه وتعزية الرسول صلوات الله عليه واله

ومن الغريب اعتراض الرفاعي على إحياء ذكرى الحسين عليه السلام التي تصادف ما يدعي انه يوم فرح وسرور إفتراضه مقتل الحسين عليه السلام في يوم العيد فهل يترك العيد لمناسبة المقتل
فأين أعياد الإسلام من أعياد اليهود بل إن حتى الرفاعي بنفسه لم يتجرأ ان يسمي هذا اليوم بأكثر من عنوان الفرح والسرور دون العيد
وهذا ما يجعلنا نشفق عليه ولا نعدوه عن مقام الإشتباه وعدم الدراية والمعرفة

أما ما يقع من لطم فإن العلماء قالوا إذا لم يكن منه ضررا على النفس فلا مانع منه
والتطبير كذلك الذي يقصد منه المواساة وبذل الدم للتأكيد على الولاء والتبعية والطاعة

ولنا في القرآن الكريم ونبي الله يعقوب عليه السلام أسوة
( وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ 84 قَالُواْ تَاللَّه تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ 85 ) يوسف 



حتى وإن قال أحدهم أن التطبير حرام فإنه لا ينقض به الأصل وهو إقامة المجالس في عزاء الحسين وأهل بيت النبي صلوات الله عليهم
وتأكيد الولاء لهم والبراءة من أعدائهم بل ينقض على التطبير إن كان للكلام وجه

إن الموضوع ذو شجون ولا تسعه هذه المساحة الضيقة

فنتخم بالسلام على الحسين وعلى أبناء الحسين وعلى أصحابه المستشهدين بين يديه


والسلام ختام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق