الجمعة، 2 ديسمبر 2011

عاشوراء .. عنوان للفرح والسرور أم للألم والفجيعة



بسم الله الرحمن الرحيم


اللهم صلّ على محمد واله الطاهرين وسلم


من منابع الأسى ودواعي الأسف ملاحظة المحاولات المتتابعة في إلصاق عنوان الفرح والسرور والسعادة 
بيوم عاشوراء هذا يوم فاجعة آل البيت عليهم السلام التي لم يمر في التاريخ مثلها 


والمحزن أكثر أن هذا العنوان الذي يتم إحياؤه هو من أطلال النواصب الذين قتلوا أهل البيت عليهم السلام
وفعلوا فيهم من الفجائع والسبي والإهانة الأفاعيل والعجائب التي يندى لها جبين الأحرار 


قال إبن كثير في البداية والنهاية 
( وقد عاكس الرافضة والشيعة يوم عاشوراء النواصب من أهل الشام، فكانوا إلى يوم عاشوراء يطبخون الحبوب ويغتسلون، ويتطيبون، ويلبسون أفخر ثيابهم، ويتخذون ذلك اليوم عيداً يصنعون فيه أنواع الأطعمة، ويظهرون السرور والفرح، يريدون بذلك عناد الروافض ومعاكستهم‏.)‏ "مقتل الحسين أحداث سنة إحدى وستون"


وقال أيضا 
( فكل مسلم ينبغي له أن يحزنه قتله رضي الله عنه، فإنه من سادات المسلمين، وعلماء الصحابة، وابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي أفضل بناته، وقد كان عابداً وشجاعاً وسخياً ) 8 - 221


ولكن عناوين الفرح في عاشوراء في هذه الأيام أخذت عناوين أخرى
منها 
العنوان الأول : الفرح بنجاة موسى وهارون من كيد فرعون وجنوده
والصحيح أن هذا الفرح هو فرح لنجاة بني أسرائيل أسلاف اليهود وليس فرحا على نجاة موسى وهارون عليهما السلام
فإن الله تعالى قال في صريح الكتاب العزيز
( قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ 35 وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ 36 قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ 37 ) القصص


وهذا صريح في أن موسى عليه السلام في مأمن من كيدهم وأنه ومن تبعه هم الغالبون
وحتى في الروايات كان الفرح على نجاة بني إسرائيل ففي البخاري 
 ( 1900 - عنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى قَالَ فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ )
فالفرح بعنوان نجاة بني إسرائيل أسلاف اليهود لا بنجاة موسى وهارون اللذان آمنهما الله ووعدهما بالغلبة






العنوان الثاني : أن صيام يوم عاشوراء يكفر السنة الماضية
وهذا من الغرائب والعجائب لعدة أسباب 


أولها أنه لم ينقل عن أحد من الصحابة والتابعين الفرح فيه لأنه يكفر السنة الماضية فهو عنوان مبتدع


ثانيها صيام يوم عاشوراء لم يشتهر أنه يكفر السنة الماضية أو أن له ذاك الفضل والأجر
بدليل ترك الرسول صلوات الله عليه واله صيامه وتابعه بذلك الصحابة حيث تركوا صوم يوم عاشوراء


ففي صحيح البخاري ومسلم 
1127 - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ دَخَلَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ يَتَغَدَّى فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ادْنُ إِلَى الْغَدَاءِ فَقَالَ أَوَلَيْسَ الْيَوْمُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ قَالَ وَهَلْ تَدْرِي مَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ إِنَّمَا هُوَ يَوْمٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَلَمَّا نَزَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ تُرِكَ  وَقَالَ أَبُو كُرَيْبٍ تَرَكَهُ وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَالَا فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ تَرَكَهُ "هذه رواية مسلم"


فلو كان هذا الفضل لعاشوراء ثابتا لما ترك بل لبقي الترغيب فيه لفضله
وكذلك عن عبد الله بن عمر أنه تركه ولم يكن يصومه لنفسه
ففي الصحيحين
1793 - عنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ  صَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تُرِكَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَصُومُهُ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ صَوْمَهُ 
وفي مسلم 1126


تركه الصحابة لأن الرسول تركه صلوات الله عليه واله
ففي صحيح مسلم 1128 - عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ  كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَيَحُثُّنَا عَلَيْهِ وَيَتَعَاهَدُنَا عِنْدَهُ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا وَلَمْ يَتَعَاهَدْنَا عِنْدَهُ 


فإن كان الحديث الوارد في فضل صيام عاشوراء موجودا ومرويا ومعروفا عند الصحابة لكانوا تمسكوا بالصيام لهذا الفضل
مثل شأن أيام شعبان والليالي البيض ومثل العشر الأوائل من ذي الحجة ويومي الخميس والإثنين وغيرها من الأيام التي كانوا يصومونها 


ولعل قائلا يقول قد وصلنا الحديث وهو حجة لنا أمام ترك الرسول صلوات الله عليه واله وترك الصحابة
فنقول إن حديث فضل صيام يوم عاشوراء وأنه يكفر السنة الماضية الأمر الذي يفرح البعض في عاشوراء حديث ضعيف وإن ورد في صحيح مسلم وغيره من الكتب


فإن الروايات تنحصر في عبد الله بن معبد الزماني عن الصحابي أبي قتادة الأنصاري
وقد قال البخاري فيه ( ولا يعرف سماع عبد الله بن معبد من أبي قتادة ) التاريخ الكبير 3 - 68 , الضعفاء للعقيلي 2 - 305 , الكامل في الضعفاء , 4 - 224 
, ميزان الإعتدال 2 - 507


لذلك تفعيل عنوان الفرح والسرور بيوم عاشوراء على تكفيره ذنوب السنة الماضية مما لا أصل له ولا اساس






ومن أغرب العناوين في الفرح يوم عاشوراء
كونه يوم فوز الحسين عليه السلام بالشهادة وأنه يوم الإستبشار
فيا للعجب العجاب وهذا الأمر إن دل فهو يدل على البعد عن الحسين وعن الجهل به وبما جرى عليه من المحنة العظيمة والمأساة المفجعة 


قال إبن عباس كما في مسند أحمد 
2166 -عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ بِنِصْفِ النَّهَارِ أَشْعَثَ أَغْبَرَ مَعَهُ قَارُورَةٌ فِيهَا دَمٌ يَلْتَقِطُهُ أَوْ يَتَتَبَّعُ فِيهَا شَيْئًا 
قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا قَالَ دَمُ الْحُسَيْنِ وَأَصْحَابِهِ لَمْ أَزَلْ أَتَتَبَّعُهُ مُنْذُ الْيَوْمَ قَالَ عَمَّارٌ فَحَفِظْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ فَوَجَدْنَاهُ قُتِلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ
قال إبن كثير في تاريخه 8 - 202 إسناده قوي وقال وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 9 - 196 رجال أحمد رجال الصحيح وقال الوادعي في صحيح دلائل النبوة - صحيح على شرط مسلم


فهذا حال رسول الله صلوات الله عليه واله في هذا اليوم والحديث المشهور من رآني في المنام فكأنما رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل بي ( قال الهيثمي في مجمع الزوائد 7 - 184 رجاله ثقات )


وفي مسند أحمد 
649 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُجَيٍّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ  سَارَ مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ صَاحِبَ مِطْهَرَتِهِ فَلَمَّا حَاذَى نِينَوَى وَهُوَ مُنْطَلِقٌ إِلَى صِفِّينَ فَنَادَى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اصْبِرْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ اصْبِرْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بِشَطِّ الْفُرَاتِ قُلْتُ وَمَاذَا قَالَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَعَيْنَاهُ تَفِيضَانِ قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَغْضَبَكَ أَحَدٌ مَا شَأْنُ عَيْنَيْكَ تَفِيضَانِ قَالَ بَلْ قَامَ مِنْ عِنْدِي جِبْرِيلُ قَبْلُ فَحَدَّثَنِي أَنَّ الْحُسَيْنَ يُقْتَلُ بِشَطِّ الْفُرَاتِ قَالَ فَقَالَ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ أُشِمَّكَ مِنْ تُرْبَتِهِ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ فَمَدَّ يَدَهُ فَقَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَأَعْطَانِيهَا فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ أَنْ فَاضَتَا 


قال أحمد شاكر 2-60 اسناد صحيح والبوصيري في إتحاف الخيرة المهرة 7-238 والشوكاني في در السحابة 235 


فهل هذا يوم فرح وإستبشار أم يوم شدة وحزن تذرف فيه الدموع ويصاب المؤمن فيه بالكآبة والإنقباض
والروايات كثيرة في شدة هذا اليوم وفي بكاء الرسول صلوات الله عليه واله بسببه


لا لوم على من جهل بأحوال الحسين وفي فاجعة كربلاء وما جرى على أهل البيت عليهم السلام في ذلك من التقتيل والتنكيل والتعذيب والسبي والإهانة والفجيعة
ولكن في نفس الوقت لا يحق لمن يجهل هذه الأمور أن ينسب نفسه للحسين ومودته ولولايته ومشايعته وأن يطلب من الله العلي القدير أن يحشره معه يوم القيامه


فإن من المودة المفروضة علينا تجاه الحسين عليه السلام أن نواسيه وأن نهتم بأمره وبمصابه
لا أن نفرح بكون اليهود قد نجاهم الله من كيد فرعون
أو أن نفرح لكون يوم عاشوراء متروكٌ صيامه 
أو أن نفرح لأن الحسين عليه السلام شهد تقتيل أبناءه أمامه وفي حضنه وتقتيل إخوانه وأبناء عمومته وأصحابه وأتباعه وأنه تعرض للتعطيش 
ومن ثم قتل كما يقتل الكبش وتعرض جسده الشريف الطاهر للتنكيل والمثلة وطحنت أضلاعه بحوافر الخيول وسُبيت حرائره وبناته إلى الشام 


فشتان ما بين من يفرح لقتل الحسين سواءً من يفرح له أو تشفيا منه


وبين من مات كمدا وحزنا عليه 


قال الذهبي في ترجمة ام المؤمنين أم سلمة

أم المؤمنين السيدة المحجبة، الطاهرة، هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله
وكانت من أجمل النساء وأشرفهن نسبا.
وكانت آخر من مات من أمهات المؤمنين.....
عمرت حتى بلغها مقتل الحسين، الشهيد، فوجمت لذلك، وغشي عليها، وحزنت عليه كثيرا.
لم تلبث بعده إلا يسيرا، وانتقلت إلى الله. ) 2-202





أقول 
فإنا لله وإنا إليه راجعون 
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

الأربعاء، 30 نوفمبر 2011

صيام عاشوراء .. بين ترك الرسول والصحابة ودعوة وذكر الرفاعي


بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلّ على محمد واله وسلم

طالعنا مركز وذكر بإعلان في جريدة الوطن في عدد تاريخ 30 – 11 – 2011 بخصوص صيام يوم عاشوراء وتحديده في أي الشهور وهذا الإعلان يفتح الباب على فقه صيام يوم عاشوراء الأمر الذي يتحاشاه البعض وبشدة


ومركز وذكر وصاحبه لما كان همهم البالغ هو الإرشاد والتوجيه أصبحوا يكتفون بما يرشح على سطح الفقه والشريعه دونما دراية ومعرفة وهذا هو الواقع حيث يتم الإكتفاء ببعض متون الروايات دون درايتها
ولما كان الواجب علينا أن لا ننهج نهجهم في النظر السطحي دون التعمق وجب علينا معرفة فقه صيام عاشوراء وتاريخه والأقوال فيه
- لذا سننقل الروايات الخاصة بموضوع صيام عاشوراء حتى نكون على دراية بالموضوع دون الإكتفاء برواية أو روايتين ولا بأس من إجمال كتقديم دون ذكر للخلاف , إستنادا على ماهو موجود بين أيدينا من روايات في أصح كتابين ( البخاري ومسلم ) من الكتب التي يأخذ بها صاحب مركز وذكر

فنقول إن صيام يوم عاشوراء كان على شريعة موسى عليه السلام والعرب في الجاهلية أخذت به لسبب ما , ثم إن الرسول صلوات الله عليه واله لما قدم المدينة وجد اليهود يصومونه فأكد على صيامه قبل فرض صيام شهر رمضان المبارك , ثم لما كان فرض صيام شهر رمضان ترك النبي صلوات الله عليه واله صيامه فتركه من بعده الصحابة وإمتنع بعضهم تعمدا كما سيأتي بيانه

حتى جاءنا اليوم الرفاعي ليبذل كل جهده في سبيل إحياء ما تُرك وأُهمل
ولا يلام إن كان يقصد الله تعالى في ذلك , ولكن هيهات فالمقصد صريح وجلي وهو معاكسة الشيعة بدليل التأكيد على معنى الفرح والسرور في الوقت الذي يحزن فيه أتباع أهل البيت عليهم السلام على المصاب الذي جرى عليهم

وإليك الروايات التي يستند عليها التقديم السابق

- الطائفة الأولى بخصوص عرب الجاهلية ومعرفتهم بصيام هذا اليوم وصيام الرسول صلوات الله عليه واله فيه بعد الدعوة فقد ورد عن عائشة زوج النبي صلوات الله عليه واله
- كما رواه البخاري قالت : كانوا يصومون عاشوراء قبل أن يفرض رمضان ، وكان يوما تستر فيه الكعبة ، فلما فرض الله رمضان ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من شاء أن يصومه فليصمه ، ومن شاء أن يتركه فليتركه .
- وأوضح منه عنده : أن قريشا كانت تصوم عاشوراء في الجاهلية ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيامه حتى فرض رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من شاء فليصمه ومن شاء فليفطره "

- وعند مسلم - قالت : كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه . فلما هاجر إلى المدينة ، صامه وأمر بصيامه . فلما فرض شهر رمضان قال : " من شاء صامه ، ومن شاء تركه " . قال وفي رواية : بهذا الإسناد . ولم يذكر في أول الحديث وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه وقال في أخر الحديث : وترك عاشوراء . فمن شاء صامه ومن شاء تركه ولم يجعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم

* وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب
- عند البخاري قال : كانت عاشوراء يصومه أهل الجاهلية ، فلما نزل رمضان ، قال : ( من شاء صامه ، ومن شاء لم يصمه ) .
- وعند مسلم قال : أن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء . وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صامه والمسلمون . قبل أن يفترض رمضان , فلما افترض رمضان ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عاشوراء يوم من أيام الله . فمن شاء صامه ومن شاء تركه " .

ولكن هذا المعنى يصطدم بالروايات التي تنص على أن معرفة الرسول صلوات الله عليه واله بصيام عاشوراء ومناسبته كانت بعد قدومه المدينة وملاحظته لصيام اليهود

* روايات في بيان أن صيام عاشوراء كان في عهد موسى عليه السلام وهو في شريعة اليهود
- عن عبد الله بن عباس قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، وجد اليهود يصومون عاشوراء
( يوم عاشوراء عند مسلم ) ، فسئلوا عن ذلك ، فقالوا : هذا اليوم الذي أظفر ( أظهر عند مسلم ) الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون ، ونحن نصومه تعظيما له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نحن أولى بموسى منكم ) . ثم أمر بصومه ( فأمر عند مسلم ) رواه البخاري ومسلم
_ في هذه الرواية دلالة على أن الصيام إبتداءً من فعل اليهود
_ وفي لفظ عند البخاري عن إبن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ، وجدهم يصومون يوما ، يعني عاشوراء ، فقالوا : هذا يوم عظيم ، وهو يوم نجى الله فيه موسى ، وأغرق آل فرعون ، فصام موسى شكرا لله ، فقال : ( أنا أولى بموسى منهم ) . فصامه ، وأمر بصيامه .
* أقول في هذه الرواية دلالة على أنه من فعل موسى عليه السلام أي الصيام

وعند البخاري - عن أبي موسى الأشعري : كان يوم عاشوراء تعده اليهود عيدا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فصوموه أنتم ) .
- وعند مسلم : كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء . يتخذونه عيدا . ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فصوموه أنتم " .

* أقول في هذه الروايات يتضح أمر الرسول صلوات الله عليه واله للصحابة بالصيام وهي تنص على أن صيام الرسول لهذا اليوم بعد قدومه من مكه والمفترض أنه صام ذلك اليوم في المدينة بحسب معرفته بهذا اليوم في مكة وبحسب معرفة العرب الجهلاء به قبل أن يعرف بصيام اليهود والمناسبة والمفترض أنه أمر بالصيام كذلك
* إلا أن الروايات المتقدمة لا تساعد على معرفة الرسول صلوات الله عليه واله بهذا الصيام قبل سؤال اليهود

- روايات أمر المسلمين بصيام عاشوراء
- أخرج البخاري عن سلمة بن الأكوع أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا ينادي في الناس يوم عاشوراء : إن من أكل فليتم ، أو فليصم ، ومن لم يأكل فلا يأكل .
- وعند مسلم عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من أسلم يوم عاشوراء . فأمره أن يؤذن في الناس : من كان لم يصم ، فليصم . ومن كان أكل ، فليتم صيامه إلى الليل .

وعن الربيع بنت معوذ عند البخاري قالت أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: من أصبح مفطرا فليتم بقية يومه ، ومن أصبح صائما فليصم . قالت : فكنا نصومه بعد ، ونصوم صبياننا ، ونجعل لهم اللعبة من العهن ، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار .

وعند مسلم قالت أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار ، التي حول المدينة : من كان أصبح صائما ، فليتم صومه . ومن كان أصبح مفطرا ، فليتم بقية يومه . فكنا ، بعد ذلك ، نصومه . ونصوم صبياننا الصغار منهم ، إن شاء الله . ونذهب إلى المسجد . فنجعل لهم اللعبة من العهن . فإذا بكى أحدهم على الطعام ، أعطيناها إياه عند الإفطار .

* إلى هنا يُفهم من هذه الأحاديث جميعا بغض النظر عن التعارض والخلاف بينها أن صيام عاشوراء ظهر وتمت الدعوة له عند المسلمين في المدينة بعد الهجرة قبل فرض صيام شهر رمضان إلا أن إشكالا جديدا يقع مع الروايات التي تنص على أن الرسول صلوات الله عليه واله كان يأمر بصومه قبل شهر رمضان ثم أصبح الأمر بالتخيير

فقد أخرج مسلم باسناده عمن سمع معاوية بن أبي سفيان ، خطيبا بالمدينة ( يعني في قدمة قدمها ) خطبهم يوم عاشوراء فقال : أين علماؤكم ؟ يا أهل المدينة ! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( لهذا اليوم ) " هذا يوم عاشوراء . ولم يكتب الله عليكم صيامه . وأنا صائم . فمن أحب منكم أن يصوم فليصم . ومن أحب أن يفطر فليفطر " . وفي رواية : بهذا الإسناد . سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مثل هذا اليوم " إني صائم . فمن شاء أن يصوم فليصم "

وهذا فيه دلالة على أن الصيام منذ الدعوة له كان بالتخيير ما يعارض دعوى الوجوب والفرض
وليس هذا محل إهتمامنا بالموضوع بقدر ما أن المقصد هو الإشارة إلى الإضطراب والتهافت بين الروايات

* والقدر المتيقن هنا هو أن الأمر بالتخيير بعد شهر رمضان فيكون صيامه في أقصى درجاته مستحبا الآن ولكن فلننظر إلى إمكان الإستحباب فهل يثبت ولننظر إلى فعل الصحابة بخصوص صيام عاشوراء
فإن تعمد ترك صيام يوم عاشوراء قد ورد صريحا عن الصحابة من أمثال السيدة عائشة وعبد الله بن عمر وإبن مسعود وجابر بن سمرة وغيرهم في الوقت الذي تمسك فيه مركز وذكر بروايات الأمر بالصيام

- وقد تقدمت الرواية عن عائشة كما عند مسلم قالت : كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه . فلما هاجر إلى المدينة ، صامه وأمر بصيامه . فلما فرض شهر رمضان قال : " من شاء صامه ، ومن شاء تركه " . وفي رواية : بهذا الإسناد . ولم يذكر في أول الحديث وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه
وقال في أخر الحديث : وترك عاشوراء . فمن شاء صامه ومن شاء تركه ولم يجعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم كرواية جرير .

 وعند البخاري عنها : كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصومه ، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه ، فلما نزل رمضان كان رمضان الفريضه
وترك عاشوراء ، فكان من شاء صامه ومن شاء لم يصمه .

فَتَركُ صيام عاشوراء واضح صريح
يؤيد ذلك رواية عبد الله بن عمر .... وفعله
- فعند البخاري قال : صام النبي صلى الله عليه وسلم عاشوراء وأمر بصيامه ، فلما فرض رمضان ترك . وكان عبد الله لا يصومه إلا أن يوافق صومه .
- وعند مسلم مرفوعا عن النبي صلوات الله عليه واله : إن هذا يوم كان يصومه أهل الجاهلية فمن أحب أن يصومه فليصمه ومن أحب أن يتركه فليتركه وقال الراوي وكان عبد الله رضي الله عنه لا يصومه إلا أن يوافق صيامه .

وتطبيق هذا الترك لم يتفرد فيه عبد الله بن عمر بل هو صنيع وفعل عبد الله بن مسعود ودعوته أيضا ففي الصحيحين
- أخرج البخاري بإسناده دخل الأشعث ( على عبد الله بن مسعود ) وهو يطعم ، فقال : اليوم عاشوراء ؟ فقال : كان يصام قبل أن ينزل رمضان ، فلما نزل رمضان ترك ، فادن فكل ( لاحظ الدعوة لترك الصيام )
وفي روايات مسلم بأسانيده قال دخل الأشعث بن قيس على عبدالله . وهو يتغدى . فقال : يا أبا محمد ! ادن إلى الغداء . فقال : أوليس اليوم يوم عاشوراء ؟ قال وهل تدري ما يوم عاشوراء . قال : وما هو ؟ قال : إنما هو يوم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه قبل أن ينزل شهر رمضان . فلما نزل شهر رمضان ترك . وقال أبو كريب : تركه . وفي رواية : فلما نزل رمضان تركه . ( لاحظ دليل الترك )

- وهو أيضا قول جابر بن سمرة كما عند مسلم قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام يوم عاشوراء . ويحثنا عليه . ويتعاهدنا عنده . فلما فرض رمضان ، لم يأمرنا ، ولم ينهنا ، ولم يتعاهدنا عنده . ( ببساطه تعبير عن الترك )
* فإذا ثبت هذا عن هؤلاء الصحابة من روايتهم وأقوالهم وأفعالهم فكيف يمكن معه قبول دعوة الرفاعي لصيام يوم عاشوراء وهل هو أفقه من الصحابة وأعلم منهم في هذا الأمر مع انهم قدموا أدلتهم

- فإن قيل دليل الرفاعي الرواية الوارده في فضل صيام هذا اليوم
فقد ورد في صحيح مسلم ما إستشهد به منشور مركز وذكر الحديث المشهور
( سُئل رسول الله "صلوات الله عليه واله" عن صيام يوم عاشوراء فقال يكفر السنة الماضية )
إلا أن هذه الرواية لا إعتبار لها وإن أخرجها مسلم فهي موقوفة في إسناديه على رواية عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة الأنصاري والبخاري بالذات ضعف هذه الرواية بقوله ( لا يعرف له سماع من أبي قتادة )
* هذا بالإضافة إلى ترك الصحابة لهذه الرواية وعدم إلتفاتهم لهذا الترغيب إن صحّ
وتركهم لهذا الترغيب هو إقتداء بالنبي صلوات الله عليه واله حيث تقدم أنه هو الذي ترك صيام عاشوراء
فإن قيل إن روايات الترك يعارضها قول إبن عباس في مسلم ( وسئل عن صيام يوم عاشوراء ؟ فقال: " ما علمت أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صام يوماً يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم، ولا شهراً إلا هذا الشهر - يعني رمضان )
نقول إن صحّ فهذا رأي إبن عباس وبحسب ملاحظته ولا يحكي كامل فعل النبي صلوات الله عليه على الواقع كيف وهو معارض بأحاديث فضل العشر الاوائل من ذي الحجة والليالي البيض وصيامه صلوات الله عليه واله شهر شعبان

وبهذا نصل إلى خلاصة وهي أن صيام عاشوراء كان مرغوبا به قبل شهر رمضان المبارك أما بعد شهر رمضان فقد تُرك وترك صيامه الصحابة والحديث الوارد في فضله ضعيف بحسب قول البخاري وغيره

أما ما إستشهد به المنشور من ذكر الرواية من مصادر الإمامية على أن صيام عاشوراء يكفر ذنوب سنة فهو مبتور المطلب فإن العلماء قد قرروا الآتي
قال الشيخ الطوسي مخرّج هذه الرواية كما في تهذيب الأحكام
( وأما صوم يوم عاشوراء فقد ورد فيه الترغيب في صومه وقد وردت الكراهية أيضا
( .. ثم قام بذكر الروايات للطرفين ثم قال .. ) فالوجه في هذه الأحاديث أن من صام يوم عاشورا على طريق الحزن بمصاب رسول الله صلى الله عليه واله والجزع بما حل بعترته فقد اصاب ومن صامه على ما يعتقد فيه مخالفونا من الفضل في صومه والتبرك به والاعتقاد لبركته وسعادته فقد أثم وأخطأ ) تهذيب الأحكام 4 / 299- 302
وهو رأي السيد الخوئي قدس سره حيث إستشهد المنشور بتصحيحه للرواية ولكن تعامى عن فقه هذه الروايات عند هذا العالم العامل حيث قال ( الروايات المتضمّنة للأمر واستحباب الصوم في هذا اليوم فكثيرة ، مثل: صحيحة القدّاح : «صيام يوم عاشوراء كفّارة سنة»  وموثّقة مسعدة بن صدقة : «صوموا العاشوراء التاسع والعاشر فإنّه يكفّر ذنوب سنة» ، ونحوها غيرها . وهو مساعد للاعتبار ، نظراً إلى المواساة مع أهل بيت الوحي وما لاقوه في هذا اليوم العصيب من جوع وعطش وسائر الآلام والمصائب العظام التي هي أعظم ممّا تدركه الأفهام والأوهام .فالأقوى استحباب الصوم في هذا اليوم من حيث هو كما ذكره في الجواهر أخذاً بهذه النصوص السليمة عن المعارض كما عرفت .
   نعم ، لا إشكال في حرمة صوم هذا اليوم بعنوان التيمّن والتبرّك والفرح والسرور كما يفعله أجلاف آل زياد والطغاة من بني اُميّة من غير حاجة إلى ورود نصّ أبداً ، بل هو من أعظم المحرّمات ، فإنّه ينبئ عن خبث فاعله وخلل في مذهبه ودينه ، وهو الذي اُشير إليه في بعض النصوص المتقدّمة من أنّ أجره مع ابن مرجانة الذي ليس هو إلاّ النار ، ويكون من الأشياع والأتباع الذين هم مورد للعن في زيارة عاشوراء . وهذا واضح لا سترة عليه ، بل هو خارج عن محلّ الكلام كما لا يخفى .
   وأمّا نفس الصوم في هذا اليوم إمّا قضاءً أو ندباً ولا سيّما حزناً فلا ينبغي التأمّل في جوازه من غير كراهة فضلا عن الحرمة حسبما عرفت .
فالمعنى ضد من إستشهد به لا معه

بقيت هنا مسألة دعوة المركز للصيام بإعتبار يوم الأحد هو التاسع الموافق 4 – 12
وعاشوراء هو الإثنين الموافق 5 – 12

وهذا التوقيت غير موفق فإنه يعتمد تولد هلال شهر المحرم الحرام في يوم 25 – 11 – 2011 على أساس الحساب الفلكي والأرقام فيكون 26 – 11 غرة الشهر والصحيح أن الهلال في هذا اليوم 25 يتولد بعد أن يتجاوز أمريكا الجنوبية أي نهاية اليابسة

فلا يمكن رؤية أبدا بل تستحيل
فتكون الرؤية الصحيحة بتاريخ 26 للهلال الشرعي لا الفلكي


وعليه يكون غرة الشهر الحرام 27 – 11 فيكون التاسع يوم الإثنين الموافق لتاريخ 5 – 12
والعاشر يوم الثلاثاء الموافق 6 – 12

وعليه يكون مركز وذكر ليس فقط داعيا إلى ما هجره الصحابة وما تركه النبي صلوات الله عليه واله
بل أيضا يكون داعيا وسببا إلى تضليل الناس وإخبارهم بما يخالف الواقع والصواب

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي
اللهم لا تجعلنا مصاديق لقولك الكريم
( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا 103 الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا 104 ) صورة الكهف
وصلى الله على محمد وأله
كتبه أبو ياسين 30 – 11 – 2011 

الخميس، 24 نوفمبر 2011

فؤاد الرفاعي .. بين السذاجة والفتنة



فؤاد الرفاعي .. بين السذاجة والفتنة

إن العناوين التي يطرحها مركز وذكر بإدارة مالكه فؤاد الرفاعي لا تجلب له إلا الشبهة والتهمة خاصة وأن أغلبها المقصود منه مهاجمة الكويتيين وغيرهم من أتباع مذهب الإثنى عشرية من قبيل " عاشوراء يوم فرح وسرور " وليقتصر حديثنا عليه هنا مع أقل قدر ممكن من المناقشات وإلا فالموضوع لا يوفي حقه هذه المساحة الضيقة

لاشك أن التحدي بين اطياف المجتمع يولد الصراع ويحيي الخلاف والمعروف أن يوم عاشوراء هو يوم الفاجعة على الحسين عليه السلام وعلى آل الرسول صلوات الله عليه واله عند المسلمين جميعا ولا يجهل ذلك إلا غافل
ولكن أهل السنة يلتفتون فيه أكثر إلى الصيام بحسب الحديث الوارد في الصحاح من الترغيب فيه وما خطبة الشيخ عبد الحميد كشك عنا ببعيدة
http://www.youtube.com/watch?v=4KjcSvUUaRo


أما شيعة أهل البيت عليهم السلام فيقيمون فيه المأتم ومجالس العزاء
ومقصدهم في هذه المآتم والمجالس لا يخرج في الأصل عن ثلاث
  1. الإتعاض والإعتبار من الدروس التي سطرها الإمام الحسين عليه والسلام وتدارس سيرته وجهاد                              والمعنى الإسلامي الذي تطبق في هذا اليوم
  2. التمسك بمبدأ الولاء للرسول وآله صلوات الله عليهم
  3. التأكيد على البراء من أعدائهم ومن رضي بما وقع عليهم من الظلم والفتك

وفي موقع وذكر نفسه يعلنون هذا العنوان
" إنّ  الولاء والبراء ركن من أركان العقيدة، وشرط من شروط الإيمان، تغافل عنه   كثير من الناس وأهمله البعض فاختلطت الأمور وكثر المفرطون .... "

وعودا على البداية نقول إن العنوان الذي يحاول الترويج له مركز وذكر عنوان مبتدع ومخالف لما تربى عليه المجتمع الكويتي بسنته وشيعته أي الفرح والسرور وقد أتى مركز وذكر بحجة واهية وهي أن منشأ هذا الفرح هو نجاة موسى وهارون عليهما السلام من كيد فرعون وإهلاك الله تعالى فرعون وجنوده

عنوان الفرح والسرور لم يرد عند أحد من العلماء المعتبرين أبدا
بل قد أشارت مطوية المركز فيما تناقضوا به بإشارة لقول الحافظ ابن كثير
وقد عاكس الرافضة والشيعة يوم عاشوراء النواصب من أهل الشام فكانوا إلى يوم عاشوراء يطبخون الحبوب ويغتسلون ويتطيبون ويلبسون أفخر ثيابهم ويتخذون ذلك اليوم عيداً يضعون أنواع الأطعمة، ويظهرون السرور والفرح، يريدون بذلك عناد الروافض ومعاكستهم
البداية والنهاية ج8 / ص220


وهذا هو منشأ الفرح والسرور في يوم عاشوراء وأما ما تشدق به صاحب المركز من نجاة موسى فإنه جهل بالقرآن الكريم
فقد قال تعالى

اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي 42 اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى 43 فَقُولا لَهُ قَوْلا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى
44 قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى 45 قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى 46
فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى 47 إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّى 48 طه

وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِين 10 قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ 11 قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ 12 وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ 13 وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ 14 قَالَ كَلاَّ فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ 15 الشعراء

فالمسلم يعلم أنه لم يكن خوف على موسى وهارون ولا هم يحزنون
بل إنما الفرح يقوم على نجاة بني إسرائيل 
أي أن الفرح الذي يدعوا له مركز وذكر وصاحبه هو فرح اليهود بنجاة أجدادهم وأسلافهم 

ولا يقع الخلط بين الترغيب بالصوم وبين الفرح والسرور
ولو أن اصل الصيام قابل للمناقشه لتناقض الروايات فيه ولوجود التحقيق بكون عاشوراء هو في ربيع الاول وليس المحرم
 كما ذكر الأستاذ العجيري في إحدى مقالاته

الذي يجعلنا نحتار في تصنيف صنيع مركز وذكر ودعوة الرفاعي للفرح في هذا اليوم ما بين الفتنة والسطحية هو التخليط الصادر منه
وكذلك نفس المنهج فإن أحداً من الدعاة والمبلغين لم يقم بمثل هذا الصنيع من نشر المنشورات ومخاطبة أتباع المدارس والمذاهب الأسلامية الآخرين بصيغة الإستجواب والتحقيق معهم

تخيل أن داعية حنفيا أخذ على عاتقه الدعوة لمذهبه في تأخير صلاة العصر وقال للبقية إنكم تصلون قبل الوقت فصلاتكم باطلة
أو أن شافعيا قال إن صلاتكم يا إخوان باطلة لأنكم لا تقرؤون البسملة في عداد آيات الفاتحه وهي منها على التحقيق
أو أن مالكيا دعى الناس إلى ترك التكتف في الصلاة وقال بأنه مكروه في الفريضة
أو أن حنبليا نشر فتوى إبن تيمية في عد الطلقات الثلاث في مجلس واحده طلقة واحده
وهكذا من نشر للخلافيات الفرعية فماذا يكون حال المجتمع الحاوي لهذه الفئات وكيف ستكون حاله من شقاق ونزاع وخلاف

وهذا ما يقع فيه مركز وذكر من جهل في مسائل الخلاف والفقه المقارن وشروط الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

فإن الإنكار على إقامة المجالس في ذكرى شهادة الحسين عليه السلام بدعوى حرمة شق الجيوب ولطم الخدود لا محل له

أولا لكون الناهي ليس من أهل العلم والوثاقة عند من يخاطبهم هذا المركز وصاحبه
وللخلاف العقدي والفقهي بينهما فلا يحق له مخاطبتهم إستنادا على عقيدته ومذهبه

ثانيا العلماء والمراجع من أكابر هذا المذهب يؤكدون على أقامة هذه المجالس إستنادا على دعوة أئمة هذا المذهب ففي الرواية المعتبرة
قال الإمام الرضا (ع): (من تذكر مصابنا، وبكى لما أُرتكب منّا؛ كان معنا في درجتنا يوم القيامة.. ومن ذُكّر بمصابنا، فبكى وأبكى؛ لم تبك عينُه يوم تبكي العيون.. ومن جلس مجلساً يحُيى فيه أمرُنا؛ لم يمت قلبه يوم تموت القلوب)
فهل يتوقع الرفاعي أن يكون لرايه أي قيمة مقابل هذا النص مثلا

ثالثا المجالس وكما هو منقول في الفضائيات ومشهوره منذ السابق هي عبارة عن محاضرة يلقيها الخطباء تشتمل على درس عقدي وفقهي وتاريخي وفي كثير من الأحيان تُنشد الأشعار التي تجمع المواعظ في هذه المسائل فأين هذا من شق الجيوب ولطم الخدود المنهي عنه 
  
نعم لا ننكر أن أغلب المجالس يقع فيها البكاء والجزع على مصاب الحسين عليه السلام وعلى أهله
ولنا في ذلك سنة من رسول الله صلوات الله عليه واله نتبعها

فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت - كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ذات يوم في بيتي قال لا يدخل علي أحد فانتظرت فدخل الحسين
فسمعت نشيج رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي فاطلعت فإذا حسين في حجره والنبي صلى الله عليه وسلم يمسح جبينه وهو يبكي

فقلت والله ما علمت حين دخل فقال إن جبريل عليه السلام كان معنا في البيت قال أفتحبه قلت أما في الدنيا فنعم قال إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء فتناول جبريل من تربتها فأراها النبي صلى الله عليه وسلم
فلما أحيط بحسين حين قتل قال ما اسم هذه الأرض قالوا كربلاء فقال صدق الله ورسوله كرب وبلاء
وفي رواية صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض كرب وبلاء
مجمع الزوائد - 9/191 قال الهيثمي روي بأسانيد ورجال أحدها ثقات

فكيف يلام من سار على سنة النبي صلوات الله عليه في البكاء على الحسين عليه السلام وتذكر مصابه وتعزية الرسول صلوات الله عليه واله

ومن الغريب اعتراض الرفاعي على إحياء ذكرى الحسين عليه السلام التي تصادف ما يدعي انه يوم فرح وسرور إفتراضه مقتل الحسين عليه السلام في يوم العيد فهل يترك العيد لمناسبة المقتل
فأين أعياد الإسلام من أعياد اليهود بل إن حتى الرفاعي بنفسه لم يتجرأ ان يسمي هذا اليوم بأكثر من عنوان الفرح والسرور دون العيد
وهذا ما يجعلنا نشفق عليه ولا نعدوه عن مقام الإشتباه وعدم الدراية والمعرفة

أما ما يقع من لطم فإن العلماء قالوا إذا لم يكن منه ضررا على النفس فلا مانع منه
والتطبير كذلك الذي يقصد منه المواساة وبذل الدم للتأكيد على الولاء والتبعية والطاعة

ولنا في القرآن الكريم ونبي الله يعقوب عليه السلام أسوة
( وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ 84 قَالُواْ تَاللَّه تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ 85 ) يوسف 



حتى وإن قال أحدهم أن التطبير حرام فإنه لا ينقض به الأصل وهو إقامة المجالس في عزاء الحسين وأهل بيت النبي صلوات الله عليهم
وتأكيد الولاء لهم والبراءة من أعدائهم بل ينقض على التطبير إن كان للكلام وجه

إن الموضوع ذو شجون ولا تسعه هذه المساحة الضيقة

فنتخم بالسلام على الحسين وعلى أبناء الحسين وعلى أصحابه المستشهدين بين يديه


والسلام ختام

السبت، 12 نوفمبر 2011

التجربة الأولى

بسم الله  الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد واله الطاهرين وسلم

بعد التوكل على الله تعالى

أنشأت هذه المدونة لبث الخواطر عليها والتعليقات في مختلف الموضوعات

خاصة وأنه قد أوقفت عضويتي في منتديات شبكة هجر والتي كنت عضوا فيها منذ عام 2004
وحيث شاركت فيها بعشرات المئات من المشاركات التي باحثت فيها الكثير من الأخوة الأفاضل
ما بين مواضيع جديده وتأييد وشكر وخلاف ومناقشه



أتمنى من الله تعالى أن تكون المدونة سبيل خير لي ولمن يتابعها
وأن تكون متنفسا للخواطر وروضة للأفكار والآراء

وأتمنى أن لا تبخلوا علي بتعليقاتكم الكريمه حول الموضوعات



والسلام ختام